الثالث: الألف واللام، إذا دخلا في الاسم، صار معرفة؛ كذا نقل عن أهل اللغة، فيجب صرفه إلى ما به تحصل المعرفة، وإنما تحصل المعرفة عند إطلاقه بالصرف إلى الكل؛ لأنه علوم للمخاطب، فأما الصرف إلى ما دونه، فإنه لا يفيد المعرفة؛ لأن بعض الجموع ليس أولى من بعض؛ فكان مجهولا.
فإن قلت: إذا أفاد جمعا من هذا الجنس، فقد أفاد تعريف ذلك الجنس:
قلت: هذه الفائدة كانت حاصلة بدون الألف واللام؛ لأنه لو قال:" رأيت رجالا " أفاد تعريف ذلك الجنس، وتمييزه عن غيره؛ فدل أن للألف واللام فائدة زائدة؛ وما هي إلا الاستغراق.
الرابع: أنه يصح استثناء أي واحد كان منه، وذلك يفيد العموم؛ على ما تقدم.
الخامس: الجمع المعرف في اقتضاء الكثرة، فوق المنكر؛ لأنه يصح انتزاع المنكر من المعرف، ولا ينعكس؛ فإنه يجوز أن يقال:" رجال من الرجال " ولا يجوز أن يقال: " الرجال من رجال " ومعلوم بالضرورة أن المنتزع منه أكثر من المنتزع.
وإذا ثبت هذا، فنقول: المفهوم من الجمع المعرف: إما الكل، أو ما دونه: والثاني باطل؛ لأنه ما من عدد دون الكل إلا ويصح انتزاعة من الجمع المعرف، وقد عرفت أن المنتزع منه أكثر، ولما بطل ذلك، ثبت أنه للكل، والله أعلم.
احتجوا بأمور:
أولها: لو كانت هذه الصيغة للاستغراق، لكانت، إذا استعملت في العهد، لزم إما الاشتراك، وإما المجاز: وهما على خلاف الأصل؛ فوجب ألا يفيد الاستغراق ألبتة.