ولو كان المعرف يفيد العموم، لامتنع ذلك؛ لأن العموم أفراده متناهية؛ لا تكون واحدا، ولأنه يصح أن قال: الحيوان جنس، وليس كل حيوان جنسا، وزاد في حجج الخصوم: أن يوصف بما يوصف به الجمع؛ كقوله تعالى:{والنخل باسقات لها طلع نضيد}[سورة ق: ١٠].
قلت: والجواب عن الأول: قد تقدم أن (لام) التعريف، إنما تدخل على الجمع والتثنية بعد الجمع والتثنية؛ لأن المعرف باللام يثنى ويجمع، فما دخلت اللام إلا على (رجال) و (رجلان) والسائل أورد؛ بناء على أنا اوردنا الجمع والتثنية على اللام، ولو كان للعموم، لم يبق بعده فرد، فيتعذر تثنيته فضلا عن جمعه، وهذا حق، غير أن البحث هاهنا، هل التثنية والجمع وردا على التعريف، أو التعريف ورد عليهما؟ وهذا هو الحق، ونحن من وراء المنع، حتى يبين المستدل، أيهما ورد على الآخر، وقد تقدم ذلك.
وعن الثاني: أنىقلت يوما للشيخ عز الدين رحمه الله: إن الفقهاء التزموا قاعدتين في الأصول، وخالفوهما في الفروع.
فقال: ما هما؟
قلت له: المعرف باللام للعموم عندهم، ولو قال القائل:" الطلاق يلزمني " بغير نية: لم يلزمه إلا طلقة واحدة، وهو خلاف القاعدة.
والثانية: الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، ولو قال:" والله، لا لبست ثوبا إلا الكتان " وقعد عريانا، لم يلزمه شيء، ومقتضى قاعدة الاستثناء أنه حلف على نفي ما عدا الكتان، وعلى لبس الكتان، وما لبس الكتان؛ فيحنث.