فقال رحمه الله: سبب المخالفة: أن الأيمان تتبع المنقولات العرفية، دون الأوضاع اللغوية، إذا تعارضا، وقد انتقل الكلام في الحلف باطلاق بحقيقة الحس، دون استغراقه؛ فلذلك كان الحالف لا يلزمه إلا الماهية المشتركة؛ فلا يزيد اللازم له على الواحدة، وتنقل (إلا) في الاستثناء في الحلف بمعنى الصفة؛ مثل (سوى) و (غير) فيصير معنى حلفه: والله، لا لبست ثوبا سوى الكتان، او غير الكتان " فالمحلوف عليه هو المغاير للكتان، فالكتان ليس محلوفا عليه؛ فلا يضره لبسه ولا تركه، ثم توفى رحمه الله واتفق البحث مع قاضي القضاة تاج الدين، فالتزم أن مذهب الشافعي: أنه يحنث، إذا قعد عريانا، وأن (إلا) على بابها، الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، وراى ما نقلاه في ذلك، وينبغي أن يعلم أن هاهنا أمرين:
احدهما: ان النقل، قد وقع إلى بعض الموارد اللغوية، إا في الأجنبي مطلقا؛ فإن استعمال (إلا) بمعنى (غير) عربي كثير، وكذلك اللام بمعنى حقيقة الجنس.
وثانيهما: أن النقل لم يقع في المفردات، وإنما وقع في المركبات؛ بل ولا في المركبات، بل في مركب خاص، وهو التركيب في الحلف خاصة.
بل لو قلنا: " الطلاق مكروه " ما فهمنا منه إلا العموم، وكذلك " الطلاق يرفع النكاح " ولا مانع هاهنا من حمله على الجنس، وكذلك لو قلنا: " قام القوم إلا زيدا، وما قام القوم إلا زيد " لم يفهم منه إلا الاصطلاح اللغوي؛ ولم يقع النقل إلا في التركيب الخاص، وأهل العرف، كما ينسب إليهم النقل والحقائق العرفية في المفردات؛ كالدابة والغائط، فكذلك ينسب إليهم النقل والحقائق العرفة في المركبات، وقد تعم المركبات، وقد تخصها، وهذا النوع من النقل خفي دقيق لا يكاد يعلمه أكثر الفقهاء في العصر، بل إنما يفهمون النقل في المفردات فقط، وقد تقدم منه أبحاث ومسائل في الحقيقة العرفية في كتاب (اللغات) فظهر جواب سؤال (المنتخب) بسبب النقل.