وعن الثالث: ما تقدم أن العرب تشترط المناسبة في النعوت بين المعنى، والتركيب؛ فلذلك اختص الرجل بنعت الواحد، والرجال بنعت الثلاثة.
وعن الرابع: أن قرينة الوحدة صرفت لفظ الإله لحقيقة الجنس؛ لأن معنى الكلام: المعبود باستحقاق واحد، والكلام في المعرف، إذا لم يكن معه قرينة، ثم إن مرادنا بالإله ليس المعبود كيف كان، الذي هو المسمى اللغوي، بل المعبود باستحقاق، وهو لم يوجد في الخارج، ولا يمكن أن يوجد إلا واحد، والعموم هو يتبع العام بحكمه في أفراده، فإنه إذا لم يوجد إلا فرد معين وحده، فكأنا قلنا:" كل فرد يتوهم من هذه المادة، ولم يوجد منه إلا واحد، ولا يمكن أن يوجد إلا واحد " فالعموم باق، وانحصار الكل في فرد من أفراده، أوجب صحة هذا الخبر.
وكذلك قوله:" الحيوان جنس " قرينة الجنسية منعت من حمله على العموم؛ لأن مفهوم الجنس هو الذي يصدق على كل فرد من أفراد أنواعه، فلو جعلناه عاما كلية، لكان معنى اللفظ: أن كل فرد من أفراده صادق على كل فرد من أفراده، وهو باطل؛ لأن " زيدا " لا يصدق على كل فرد من أفراد الحيوان؛ فيتعين صرفه للحقيقة الكلية المشتركة بين جميع الأنواع، فهذه قرينة صارفة، والنزع في المعرف، إذا تجرد عن القرينة.
وعن قوله:{والنخل باسقات}[سورة ق: ١٠] أنه ليس وصفا عند النحاة؛ لأن " النخل " معرفة و " باسقات " نكرة، والمعرفة لا توصف بالنكرة.
سلمنا أنه وصف؛ لكنا نمنع أن النخل مفرد؛ فلم لا يقال: هو جمع نخلة؟ وقد قال أبو علي في " تكملة الإيضاح ": " النخل جمع نخلة، والشجر جمع شجرة " ولم يحك خلافا، وكذلك قاله في قمح، وشعير، وجراد، ونظائره كثيرة.