قلنا: ليس هذا من هذا الباب، بل القاعدة العربية: أن كل شيء أضيف إلى شيء هو بعضه، ليس في الجسد منه إلا واحد، فيه ثلاث لغات: الإفراد؛ كقولهم: كأنه وجه بركنين.
والتثنية والجمع؛ كقول الشاعر (السريع):
ومهمهين قذفين مرتين ... ظهراهما مثل ظهور الترسين
يصف مهمهين واسعتين؛ لأن المهمه هو الواسع، يقذفان من فيثهما بحديهما وعظمهما، وهو الحال على من يكون فيهما، وظهورهما لا ثابت فيها؛ كظهور الترسين، الذي هو الدرقة، فثنى في الأول، وجمع ف الثاني، والأفصح في هذه اللغات الجمع؛ لأن الانتقال من التثنية التي هي الأصل إلى الجمع أولى من الانتقال إلى الواحد لما بين التثنية والجمع من المناسبة في أصل ضم الشيء إلى مثله، والواحد لا ضم فيه.
وقولنا: ليس في الجسد منه إلا واحد؛ لأنه موضع لا لبس فيه؛ بخلاف مافي الجسد منه أكثر من واحد؛ فلا تقول:" رأيت أعين الزيدين " وأنت تريد عينيهما؛ لأنه يوهم أنك رأيت جميع أعينهم؛ بخلاف ظهورهما ورؤيتهما؛ لأنه من المعلوم أن ما لهما إلا رأس واحد لكل واحد.
وقولنا:" هو بعض ": احتراز من قولك " رأيت غلامي الزيدين " فلا يجوز الجمع؛ لأنها تثنية أجنبية مضافة، وإنما استقلت العرب اجتماع اسمين في الشيء الواحد، وليس أحدهما أجنبيا؛ حتى كأن الواحد ثنى مرتين، أما في الأجنبي، فهما شيئان في شيئين، فلم تستثقلهما العرب، فهذه قاعدة هذا