نحو أسود، أو ببعضه؛ كوصفك الإنسان بأنه ناطق، والناطق جزؤه؛ لأنه فصله، والفصل جزء، وبأمر خارج عنه؛ كقولنا: ضاحك، أو بسببه وإضافة، نحو متقدم ومتأخر، وانا قول العرب: أعرج ,اشهل وأعور وأعمى وغير ذلك، إنما هي صفات باعتبار ما قام ببعض الموصوف، وهي حقائق، وأن الفرق بينهما يشترط فيه القيام بالكل، والقيام بالبعض عسر جدا، وقد بسطته قبل هذا، فلا عسر أن يوصف القلب بالصفو والميل ونحوه.
قوله:" الحديث محمول على إدراك فضيلة الجماعة ".
قلنا: هذا مجاز؛ وإنما الحكم في ظاهر اللفظ على أن الاثنين جماعة، فمن أدعى المجاز، كان عليه الدليل، ولكم أن تقولوا: كلام الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دار بين أن يكون مقيدا بحكم شرعي، أو عقلي، كان حمله على الشرعي أولى؛ لأنه عليه السلام إنما بعث بلسان الشرعيات، وكون الاثنين جماعة، وفيها معنى الإجماع أمر معلوم بالضرورة معقول، وحمله على أنها في نظر الشرع تثبت لها الأحكام الشرعية؛ لجواز السفر من غير كراهة؛ ليحصل لهما فضيلة الصلاة في جماعة حكم شرعي؛ فيتعين الحمل عليه، وإن كان مجازا.
ولهذه القاعدة إشكال كبير في هذه المسألة من نحو عشر سنين، أورده على الفضلاء، وما حصل لي ولا لهم جواب عنه، وهو أن الخلاف في هذه المسألة غير منضبط، ولا متصور؛ بسبب أنه، إن فرض قولهم: أقل الجمع اثنان في صيغة الجمع التي هي (جيم)(ميم)(عين) امتنع إتيانه في غيرها من الصيغ؛ لأنه لا يلزم من ثبوت الحكم لصيغة ثبوته لغيرها في الأوضاع اللغوية، وإن كان الخلاف في مدلول هذه الصيغة، فإن مدلولها كل ما يسمى جمعا؛ رجال، ودراهم، أو غير ذلك من صيغ الجموع.