وأما قوله عليه السلام:"ما رآه المسلمون حسناً، فهو عند الله حسن"، فلا نسلم صحته، سلمنا صحته؛ لكن المراد به ما رآه جميع المسلمين أو بعضهم؟
الأول: مسلم، ولم يحصل ذلك هاهنا.
والثانى: ممنوع؛ فإن بعض المسلمين، أى بعض كان، لم يقل أحد إنه حجة، ولا هو عند الله ـ تعالى ــ ثم إنه يلزمه منه القول بالنقيضين؛ لأن كل خصم قد رأى نقيض ما قال به خصمه؛ فيلزمه اجتماع النقيضين، ثم إن أهل العرف إنما يرو ذلك حسناً فى معايشهم، فيكون عند الله ـ تعالى ـ حسناً فى معياشهم؛ لأن الضمير فى قوله: فهو عند الله حسن ـ عائد إلى المرئى لأهل العرف على ذلك الوجه الذى رواه فيه، كما تقول: زيد يلبس الفراء فى الشتاء، ويرى ذلك حسناً، وما رآه زيد سناً، فهو عند عمرو حسن، إنما يفهم من ذلك لبس الفراء فى الشتاء، لا لبس الفراء كيف كان، ونحن نقول بذلك فالتمسك بالحقيقة مع عدم الفحص عن المجاز حسن عند اله ـ تعالى ــ فى المعاش دون المعاد؛ لأنه هو الذى رآه أهل العرف حسناً، وفى هذا الكلام الأخير بحث؛ لأن رؤية الله ـ تعالى ـ حينئذ تكون بمعنى أنه يعلمه كذلك، وعلى ما قاله المصنف: يكون معناه: أن الله ـ تعالى ـ شرعه فى شرعه حسناً، والقاعدة أن لفظ صاحب الشرع، إذا دار بين الحكم العقلى والشرعى، تعين حمله على الشرعى؛ لأنه ـ عليه السلام ـ إنما بعث لبيان الشرعيات.
قوله:"الأصل عدم التخصيص، وهذا يفيد ظن عدم التخصيص":
قلنا: مسلم؛ لكن لم قتلتم: إن مطلق الظن كاف فى منصب الاجتهاد، بل لا بد من الظن الناشئ عن بذل الجهد بعد كثرة التحصيل، كما تقدم بيانه، أما مطلق الظن فلا.