قال الرازى: أجمعوا على فساد الاستثناء المستغرق، ثم من الناس من قال: شرط المستثنى ألا يكون أكثر مما بقى؛ بل يجب أن يكون مساوياً، أو أقل.
وقال القاضى: بل شرطه ألا يكون أكثر ولا مساوياً بل أقل.
ويدل على فساد القولين أن الفقهاء أجمعوا على أن من قال:"لفلان على عشرة إلا تسعة" يلزمه واحد، ولولا أن هذا الاستثناء صحيح لغة وشرعاً، وإلا لما كان كذلك.
ويدل على فساد القول الثانى خاصة قوله تعالى:(إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) الحجر: ٤٢. وقال؛ حكاية عن إبليس:(لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) الحجر: ٣٩ - ٤٠. فلو كان المستثنى أقل من المستثنى منه، لزم فى أتباع إبليس، وفى المخلصين أن يكون كل واحد منهما أقل من الآخر؛ وذلك محال.
حجة القاضى رحمه الله: أن المقتضى لفساد الاستثناء قائم، وما لأجله ترك العمل به فى الأقل ـ غير موجود فى المساوى والأكثر؛ فوجب أن يفسد الاستثناء فى المساوى والأكثر.
بيان مقتضى الفساد: أن الاستثناء بعد المستثنى منه إنكار بعد الإقرار؛ وإنه غير مقبول.
بيان الفارق: أن الشيء القليل يكون فى معرض النسيان؛ لقلة التفات النفس