إليه، والكثير يكون متذكراً محفوظاً؛ لكثرة التفات القلب إليه، فإذا أقر بالعشرة، فربما كانت تلك العشرة بنقصان شيء قليل، وإن كانت تامة، لكنه أدى منها شيئاً قليلاً، ثم إنه نسى ذلك القدر؛ لقلته؛ فلا جرم أقر بالعشرة الكاملة، ثم إنه بعد الإقرار، تذكر ذلك القدر؛ فوجب أن يكون متمكناً من استدراكه؛ فلأجل هذا شرعنا استثناء الأقل من الأكثر، ولم يوجد هذا المعنى فى استثناء المثل أو الأكثر؛ لما ذكرنا أن الكثرة مظنة الذكر، وإذا ظهر الفارق، بقى المقتضى سليماً عن المعارض.
والجواب عندنا: أن الاستثناء مع المستثنى منه، كاللفظ الواحد الدال على ذلك القدر؛ وعلى هذا الفرض يسقط ما ذكرتم، والله أعلم.
المسألة الرابعة
قال القرافى: أجمعوا على فساد الاستثناء المستغرق.
قلنا: نقل ابن طلحة فى مختصره المعروف بـ"المدخل" إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ـ قولين:
أحدهما: أنه استثناء، وينفعه الآخر يلزمه الثلاث ويعد نادماً.
وقال سيف الدين: منع بعض أهل اللغة استثناء عقد، فلا يقول له: مائة إلا عشرة، بل إلا خمسة؛ لأنها بعض العقد أما عقد كامل فلا.
قال المازرى: وهؤلاء منعوا: له عندى عشرة إلا ثلاثة؛ لأنه ليس كسراً، وإنما جاز عندهم قوله تعالى:(فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً) العنكبوت: ١٤. لأنه كسر، وأجمع الفقهاء على قوله: هى طالق ثلاثاً