غرضه من الجملة الأولى، ولو كان الاستثناء راجعاً إلى جميع الجمل، لم يكن قد تم مقصوده من الجملة.
وأما الثانى: فكقولنا: "أطعم ربيعة، واخلع على ربيعة إلا الطوال".
وإما الثالث: فكقولنا: "أطعم ربيعة، وأطعم مضر إلا الطوال" والحكم هاهنا أيضاً كما ذكرنا؛ لأن كل واحدة من الجملتين مستقلة، فالظاهر أنه لم ينتقل من إحداهما، إلا وقد تم غرضه بالكلية منها.
وأما إن كانت إحدى الجملتين متعلقة بالأخرى: فإما أن يكون حكم الأولى مضمراً فى الثانية؛ كقوله:"أكرم ربيعة، ومضر إلا الطوال" أو اسم الأولى مضمراً فى الثانية، كقوله:"أكرم ربيعة، واخلع عليهم إلا الطوال" فالاستثناء فى هذين القسمين راجع إلى الجملتين؛ لأن الثانية لا تستقل إلا مع الأولى؛ فوجب رجوع حكم الاستثناء إليهما.
وأما إن كانت الجملتان نوعين من الكلام: فإما أن تكون القضية واحدة، أو مختلفة:
فإن كانت مختلفة: فهو كقولنا: "أكرم ربيعة، والعلماء هم المتكلمون، إلا أهل البلدة الفلانية" فالاستثناء فيه يرجع إلى ما يليه؛ لاستقلال كل واحدة من تلك الجملتين بنفسها.
وأما إن كانت القضية واحدة فهو كقوله تعالى:(والذين يرمون المحصنات) النور: ٤. فالقضية واحدة، وأنواع الكلام مختلفة؛ فالجملة الأولى أمر، والثانية نهى، والثالثة خبر؛ فالاستثناء فيها يرجع إلى الجملة الأخيرة؛ لاستقلال كل واحدة فى تلك الجمل بنفسها.