والإنصاف: أن هذا التقسيم حق؛ لكنا إذا أردنا المناظرة، اخترنا التوقف؛ لا بمعنى دعوى الاشتراك؛ بل بمعنى أنا لا نعلم حكمه فى اللغة ماذا؟ وهذا هو اختيار القاضى.
واحتج الشافعى ـ رضى الله عنه ـ بوجوه:
أولها: أن الشرط، متى تعقب جملاٌ، عاد إلى الكل، فكذا الاستثناء؛ والجامع: أن كل واحد منهما لا يستقل بنفسه، وأيضاً: فمعناهما واحد؛ لأن قوله تعالى فى آية القذف:(إلا الذين تابوا) النور: ٥. جار مجرى قوله:(وأولئك هم الفاسقون) النور: ٤. إن لم يتوبوا.
ويقرب من هذا الدليل قولهم: أجمعنا على أن الاستثناء بمشيئة الله ـ تعالى ـ عائد إلى كل الجمل، فالاستثناء بغير المشيئة، يجب أن يكون كذلك.
وثانيها: أن حرف العطف يصير الجمل المعطوف بعضها على بعض ـ فى حكم الجملة الواحدة؛ لأنه لا فرق بين أن تقول:"رأيت بكر بن خالد، وبكر ابن عمرو" وبين أن تقول: "رأيت البكرين" وإذا كان الاستثناء الواقع عقيب الجملة الواحدة راجعاً إليها، فكذا ما صار بحكم العطف كالجملة الواحدة.
وثالثها: أنه تعالى، لو قال:"فاجلدوهم ثمانين "جلدة إلا الذين تابوا، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً إلا الذين تابوا، وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا) لكان ركيكا جداً.
فبتقدير أن يريد الاستثناء عن كل الجمل، لا طريق له إلى ذلك إلا بذكر الاستثناء عقيب الجملة الأخيرة، ففى هذه الصورة، يكون الاستثناء راجعاً إلى