كل الجمل، والأصل فى الكلام الحقيقة، وإذا ثبت كونه حقيقة فى هذه الصورة، كان كذلك فى سائر الصور؛ دفعاً للاشتراك.
ورابعها: لو قال: "لفلان على خمسة، وخمسة إلا سبعة" كان الاستثناء هاهنا عائداً إلى الجملتين، والأصل فى الكلام الحقيقة.
وإذا ثبت ذلك فى هذه الصورة، فكذا فى غيرها؛ دفعاً للاشتراك.
واحتج أبو حنيفة ـ رحمة الله عليه ـ بوجوه:
أحدها: أن الدليل ينفى اعتبار الاستثناء، تركنا العمل به فى الجملة الواحدة، فيبقى العمل بالباقى فى سائر الجمل.
بيان النافى: أن الاستثناء يقتضى إزالة العموم عن ظاهره، وهو خلاف الأصل.
بيان الفارق: أن الاستثناء لا استقلال له بالدلالة على الحكم؛ فلا بد من تعليقه بشئ؛ لئلا يصير لغواً، وتعليقه بالجملة الواحدة يكفى فى خروجه عن اللغوية؛ فلا حاجة إلى تعليقه بسائر الجمل.
وإذا ثبت النافى والفارق، ثبت أنه لا يجوز عوده إلى الجمل الكثيرة، والخصم قال به؛ فصار محجوباً.
يبقى أن يقال: فلم خصصتموه بالجملة الأخيرة؟ فنقول: هذا تفريع قولنا ولنا فيه وجهان:
الوجه الأول: اتفاق أهل اللغة على أن للقرب تأثيراً فى هذا المعنى، ثم يدل عليه أموراً أربعة: