٢٢١] يقتضي تحريم نكاحهن في حالة مطلقة، لا في جميع الأحوال؛ للقاعدة المتقدمة.
وقوله تعالى:{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب}[المائدة: ٥] والمراد بالإحصان- هاهنا- الحرائر، وهذا لا يناقض العموم الأول؛ لأن النكاح جائز لمجموع النصين في حالة الحرية، وتبقي حالة الرق لا يقع فيها جواز النكاح، وإذا جاز نكاح كل مشركة في حالة الحرية، فقد جاز نكاح كل كتابية في حالة مطلقة، فالعموم باق على عمومه، ولم تحصل منافاة بين النصين، نعم لو كان بعض المشركات لا يجوز نكاحها في جميع الحالات، حصل التناقض والتخصيص؛ لمنافاة السالبة الكلية الموجبة الجزئية، بل الحاصل من هذه النصوص كلها التي يتوهم أنها مخصصات: التقييد لتلك الحالة المطلقة، فإنها تصير مخصوصة معينة.
والتقييد ليس بتخصيص؛ لأنه ضده؛ لأن التقييد زيادة على موجب النص، والتخصيص نقصان من موجب النص.
والتخصيص أيضًا مخالفة الظاهر، والتقييد ليس مخالفة للظاهر؛ فالتقييد ليس بتخصيص ضرورة، وإذا جريت على هذه القوانين عسر التخصيص، في كثير من النصوص التي يدعي فيها التخصيص، بل نجدها كلها تقييدات لمطلق تلك الأحوال التي في تلك العمومات، ولا تجد التخصيص إلا في مثل قوله تعالى:{الله خالق كل شيء}[الزمر: ٦٢] ونحوه؛ فإن الواجبات لم تخلق في حالة، ولم تعط السماء ل (بلقيس) في حالة، ولا دمرت الريح الكواكب في حالة، فهذه تخصيصات محققة لتحقق السالبة الكلية، فناله مطلق الحال الذي هو موجبة جزئية، فعلى هذا التحقيق يتقرر التخصيص، وإلا فلا.
وكم من الفقهاء من يعتقد أن هذه الأمور كلها مخصوصة.