قال الرازي: الحق أنه لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي وهو قول الشافعي- رضي الله عنه- لأنه قال:(إن كان الراوي حمل الخبر على أحد محمليه، صرت إلى قوله، وإن ترك الظاهر لم أصر إلى قوله) خلافًا لعيسى ابن أبان.
ومثاله: خبر أبي هريرة في: (أن الإناء يغسل من ولوغ الكلب سبعًا) فإنه خص ذلك بمذهب أبي هريرة في أنه يغسل ثلاثًا.
ومنهم من فصل؛ فقال: (إن وجد خبر يقتضي تخصيصه، أو وجد في الأصول ما يقتضي ذلك، لم يخص الخبر بمذهبه؛ وإلا خص بمذهبه.
لنا: أن مخالفة الراوي تحتمل أقسامًا ثلاثة: طرفين، وواسطة:
أما طرف الإفراط فهو أن يقال: الراوي عالم بالضرورة أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد بذلك العام الخاص؛ إما لخبر آخر قاطع يقتضي ذلك، أو لشيء من قرائن الأحوال، وهذا الاحتمال يعارضه أنه لو كان كذلك، لوجب على الراوي أن يبين ذلك؛ إزالة للتهمة عن نفسه وللشبهة.
وأما طرف التفريط: فهو أن يقال: إنه ترك العموم بمجرد الهوى؛ وهو معارض بما أن الظاهر من عدالته خلافه.
وأما الوسط: فهو: أنه خالفه بدليل ظنه أقوى منه: إما خبر محتمل، أو قياس.
وذلك الظن يحتمل أن يكون خطأ، ويحتمل أن يكون صوابًا.