للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الرابع

(في حمل المطلق على المقيد)

قال القرافي: قوله: (إما أن يكون أحدهما مخالفًا للآخر، أو لا يكون):

قلنا: هذا التقسيم غير منضبط، بل المنضبط ما قاله ابن العربي في (المحصول) وهو أن الحكم والسبب إما أن يتفقا، أو يختلفا، أو يختلف أحدهما دون الآخر، فإن اختلفا معًا، فلا حمل لأحدهما على الآخر؛ كتقييد الرقبة بالإيمان، وإطلاق الشاة في الزكاة.

وإن اتفقنا معًا، فهذا هو سبيله؛ لقوله عليه السلام: (في كل أربعين شاة شاة)، فهذا مطلق. وقال عليه السلام: (في الغنم السائمة الزكاة) فهذا مقيد بالسوم، فإن قلنا بالمفهوم، حملنا المطلق على المقيد على الخلاف، والسبب واحد، وهو الملك للمال النامي، والحكم واحد، وهو وجوب الزكاة، واختلاف الحكم فقط لقوله تعالى في الوضوء: {وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: ٦]، فقيد غسل اليدين بالمرافق، وفي آية التيمم أطلق فقال تعالى: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: ٦]، فهل يحمل إطلاق التيمم على تقييد الوضوء، فيجب التيمم إلى المرافق أم لا؟ خلاف، والسبب واحد وهو الحدث، والأحكام مختلفة وهي الوضوء والتيمم، واختلاف السبب فقط والحكم واحد، كالظهار والقتل سببان مختلفان والحكم واحد، وهو وجوب الإعتاق.

فهذا تقسيم منضبط بخلاف الذي في (المحصول)، فذكر أولًا الاختلاف في الحكم وحده، ولم يذكر معه الاختلاف في السبب، ومثله بما هو مختلف الحكم والسبب.

<<  <  ج: ص:  >  >>