للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوابه: أن الأسباب قد تختلف، وتختلف مصالحها، كما تقدم في القتل والظهار، وقد تتفق مصالحها، كالأسباب النواقض للطهارة الكبرى والصغرى؛ فإن حكمتها واحدة، وإلا لما كان حكمها واحدًا، وكشرب الخمر والقذف حدهما واحد، ومقتضي ذلك أن تكون حكمتهما واحدة؛ وإلا لاختلف الحد، إذا تقرر ذلك، فجاز أن يقع التقييد والإطلاق فيما حكمتهما واحدة، وهما مختلفان في الصورة.

(التنبيه الثالث) أن الإطلاق والتقييد أمران إضافيان، قرب مقيد بالنسبة إلى لفظ، مطلق بالنسبة إلى لفظ آخر، ورب مطلق بالنسبة إلى لفظ، مقيد بالنسبة إلى لفظ آخر، فلفظ (الإنسان) مطلق؛ بالنسبة إلى الإنسان المؤمن، ومعناه حيوان ناطق، وهو مقيد؛ بالنسبة إلى الحيوان، والحيوان مطلق؛ بالنسبة إلى الإنسان، ومعناه مقيد؛ لأنه جسم حساس، فهو مقيد، بالنسبة إلى الجسم، وكذلك كلما انتقلت من أخص إلى أعم، يصير المطلق مقيدًا، وعكسه، كلما انتقلت من الأعم إلى أخص، يصير المقيد مطلقًا.

فتأمل ذلك، فيتلخص لك أن المطلق الاقتصار على مجرد اللفظ المذكور، والمقيد هو أن يزيد عليه قيدًا زائدًا، ولا يعتقد أن القيد يجب أن يكون مقيدًا بكل اعتبار، بل قد يعتبر بالنسبة إلى معنى آخر، فيكون مطلقًا، والضابط ما سمعته.

(التنبيه الرابع) أن التقييد والإطلاق أسماء للألفاظ؛ باعتبار معانيها، لا أسماء للمعاني؛ باعتبار ألفاظها، وكذلك نقول: لفظ مطلق، ولا نقول: معنى مطلق في هذا المقام، فاللفظ المطلق كلفظ النكرة، والمقيد كالمعرفة والموصوفة، ونحو ذلك، كل ذلك من أسماء الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>