للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيدين، والرجوع إلى الإطلاق ما اتفق لي مع سيدنا قاضي القضاة صدر الدين الحنفي؛ حكي لي يومًا أنه: اجتمع ب (دمشق) مع السيد الشريف قاضي العسكر شمس الدين نقيب الأشراف في الدولة الكاملية؛

قال: فقلت له: إن الشافعية نقضوا أصلهم: فإنهم قالوا بحمل المطلق على المقيد، وقد ورد قوله- عليه السلام- في الغسل من ولوغ الكلي في الإناء: (فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب) وورد مقيدًا بقوله عليه السلام:

(أولاهن بالتراب) ومع ذلك، لم يحملوا المطلق على المقيد، بل بقوا المطلق على إطلاقه.

قال: فلم يجدوا جوابًا ولم يجيبوا عنه.

فقلت له- حفظه الله-: إن لنا قاعدة، وهي أن المطلق، إذا قيد بقيدين متضادين بقي على إطلاقه باتفاق المذهبين، وهاهنا كذلك؛ لأنه ورد في الحديث أيضًا: (أخراهن بالتراب) فسقط أولاهن وأخراهن؛ لأنه ليس اعتبار أحدهما أولى من الآخر، وبقي المطلق علي إطلاقه.

وهذا أحسن ما مثل به المسألة؛ فإن السبب واحد، والحكم واحد، والقيود متضادة فيه.

(تنبيهات أربعة)

الأول: أنه بحث في هذا القسم المختلف الأسباب عن الأمر، وترك النهي ما يعرض له، وكذلك الخبر وبقية أقسام الكلام؛ فإنها يلاحظ فيها هذا من جهة الوضع على الخلاف، فينبغي أن تراجع تلك الضوابط المتقدمة في المسألة الأولى، وتخرج هذه المسألة أيضًا عليها.

التنبيه الثاني: أنه كيف يتجه أن يقول بالقياس مذهبًا ثالثًا، مع أن مدرك القوم أن اختلاف الأسباب يوجب اختلاف الحكم والمصالح، ومع الاختلاف كيف يتأتي القياس؛ حتى يصار إليه مذهبًا ثالثًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>