سمعنا لفظ (الإنسان) فإنما يسبق إلى ذهننا الإنسان الموصوف بهذه الصفة، والذهن إنما ينتقل في أول الأمر إلى الموضوع له، وكذلك أن الأصل في الاستعمال الحقيقة، فعلمنا أن الوضع إنما كان السليم، فيتناول السلامة من العيوب- اللفظ وضعًا، أما وصف الإيمان وغيره من القيود، فلم يتناول لفظ الإطلاق، ولو تناوله، لم يكن تقييدًا، وإذا لم يتناوله اللفظ إجماعًا، ظهر الفرق.
قوله:(فإذا كان اشتراط الإيمان نسخًا، فكذلك نفي تلك العيوب).
تقريره: أن الحنفية لهم قاعدة، وهي: أن الزيادة على النفي نسخ، وكذلك جعلوا اشتراط (الفاتحة) في الصلاة نسخًا، لقوله تعالى:{فاقرءوا ما تيسر منه}[المزمل: ٢٠] لأنه زيادة عليه.
ونسخ الكتاب بأخبار الآحاد ممنوع، فلا يشترط (الفاتحة) كذلك هاهنا، وإذا حملنا المطلق على المقيد، صار ذلك نسخًا للإطلاق؛ لأنه زيادة عليه فلذلك ذكر المصنف النسخ هاهنا.
قال المازري في (شرح البرهان): ورد على أبي حنيفة نقوض:
أحدها: اشتراط السلامة من العيوب.
وثانيها: اشتراط الفقر في ذوي القربى.
وثالثها: أنه يجزئ عنده عتق الأقطع دون الأبرص.
ورابعها: لو حلف؛ لا يشتري رقبة، فاشتري رقبة معيبة، حنث، فلم يعتبر السلامة في الحنث، فخالف قاعدة النسخ، فإن الزيادة عنده نسخ، وهاهنا نسخ القرآن بغير دليل قاطع.
قوله:(إذا أطلق الحكم في موضع، وقيد مثله بقيدين مختلفين، مثاله: قضاء رمضان أطلق، وقيد صوم التمتع بالتفريق، وصوم الظهار بالمتابعة اختلفوا فيه).
قلنا: هذه أحكام عن أسباب مختلفة، بل أمس منه؛ في عدم اعتبار