للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفوا فيه على حسب ما مر في المسألة السالفة، فمن زعم أن المطلق يتقيد بالمقيد لفظًا، ترك المطلق هاهنا على إطلاقه؛ لأنه ليس تقييده بأحدهما أولى من تقييده بالآخر، ومن حمل المطلق على المقيد لقياس، حمله هاهنا على ما كان القياس عليه، والله أعلم.

المسألة الثانية

في الحكمين المتماثلين سببهما مختلف

قال القرافي: قوله: (الشهادة أطلقت في مواطن، وقيدت في أخر بالعدالة، فحمل المطلق على المقيد، فكذلك هاهنا):

قلنا: سبب الاحتياج للبينات هو ضبط الحقوق، وهو واحد في جميع الصور، وسبب قبول قولها وتصديقها هو ظاهر حالها، وهو أن الغالب على العاقل البالغ المسلم الصدق، وهذا واحد في جميع الصور، وإذا اتحد سبب الحاجة وسبب القبول، ظهر الفرق؛ لأن الأسباب المختلفة مختلفة الحكم ظاهرًا؛ لأن مفسدة القتل أعظم من مفسدة الظهار؛ وحينئذ يتجه أن يقال: عظم المفسدة يقتضي زيادة الشروط في الكفارة؛ فإن الساتر يعظم المستور، والأصل في الكفارة الستر، فاختلاف الأسباب يوجب اختلاف الأحكام، فلا يحمل المطلق على المقيد، أما مع اتحاد السبب، كما في الشهادة، فيتعين؛ لأجل عدم الاختلاف في المصلحة، فظهر الفرق.

قوله: (اعترفتم بسلامة الرقبة عن الكثير من العيوب):

قلنا: الفرق بين السلامة من العيوب، وبين اشتراط الإيمان، وجميع القيود: أن الوضع تابع للتصور، والواضع إذا تصور مفهوم (الإنسان) ليضع له، فإنما يسبق إلى ذهنه الإنسان الذي هو حيوان ناطق إلفي الشكل، له حواس خمس، وجوارح مخصوصة، ويدل على ذلك أيضًا: أنا متى

<<  <  ج: ص:  >  >>