قال الرازي: ذهب بعض الحنفية إلى أن قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم}[المائدة: ٦] مجمل؛ لأنه يحتمل مسح جميع الرأس، ومسح بعضه، وإذا ظهر الاحتمال، يثبت الإجمال.
وقال آخرون: لو خلينا واللفظ لمسحنا جميع الرأس؛ لأن الباء للإلصاق.
وقال ابن جنى:(لا فرق في اللغة بين أن تقول: مسحت بالرأس، وبين أن تقول: مسحت الرأس؛ لأن الرأس اسم للعضو بتمامه؛ فوجب مسحه بتمامه).
وقال بعض الشافعية: إنها للتبعيض فهو يفيد مسح بعض الرأس.
وقال آخرون: لا إجمال فيه؛ لأن لفظ المسح مستعمل في مسح الكل بالاتفاق، وفي مسح البعض كما يقال:(مسحت يدي بالمنديل، ومسحت يدي برأس اليتيم) وإن كان إنما مسحها ببعض الرأس، والأصل عدم الاشتراك، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بين مسح الكل، ومسح البعض فقط، وذلك هو مماسة جزء من اليد جزءًا من الرأس.
فثبت أن اللفظ ما دل إلا عليه، فكان الآتي به عاملاً باللفظ؛ وحينئذ لا يتحقق الإجمال، ويكفي في العمل به مسح أقل جزء من الرأس. وهو قول الشافعي رضي الله عنه.