قال الرازي:(قال بعض الحنفية: {وامسحوا برءوسكم} مجمل؛ لاحتماله البعض والكل).
قلنا: لفظ (الرأس) اسم للجميع وهو ظاهر فيه، و (الباء) للإلصاق، ومع الظهور لا إجمال؛ لأن الإجمال إنما يكون مع الاحتمالات المستوية.
قوله:(وقال بعضهم: إنها للتبعيض):
قلنا: قد تقدم في باب الحروف إبطال هذا، وأن (مسح) له مفعولان، وتمام التقرير هنالك.
قوله: لفظ المسح يستعمل في البعض، كما يقال: مسحت برأس اليتيم، وإنما كان المسح ببعضها.
قلنا:(مسحت برأس اليتيم)(الباء) للآلة، أي: جعلت رأس اليتيم آلة للمسح، ومسحت برأس اليتيم بيدي، أي: يدي هي آلة المسح عن رأسه، وجميع الرأس هو الآلة، فلا بعض حينئذ حتى يدل الدليل على أنه استعمل لفظ الرأس في بعضها، فيعتقد حينئذ؛ المجاز، وأما مجرد اللفظ، فاللفظ ظاهر في الكل، ليس إلا، وعلى هذا لا يكون اللفظ حقيقة في المشترك، بل في جميع الرأس.
وفرق بين قوله:(امسحوا) وبين قوله: (امسحوا برءوسكم)، فالأول لا يقتضي إلا مطلق المسح؛ لأن الفعل في سياق الثبوت لا يدل إلا عليه، والثاني يقتضي تعميم الرأس، كما لو قال:(صوموا) اكتفينا بيوم، وصوموا رمضان، لابد من جملته، ففرق بين الاقتصار على أصل الفعل، وبين إضافته لمحل مخصوص، وإنما يتم مقصود الشافعي أن لو كان لفظ الآية من القسم الأول.