قوله: إذا قام من اثنتين، ومضى على صلاته، علم أن التشهد ليس شرطًا في الصلاة، ودل على عدم وجوبه):
قلنا: هذا يتوقف على بحثين:
الأول: جاز أن يكون شرطًا مع الذكر، كما قاله جماعة من العلماء في طهارة الخبث، والموالاة، والتسمية في الذبيحة.
والثاني: أنه - عليه السلام - ما كان متعمدًا؛ فلعله - عليه السلام - استمر عليه؛ للسهو إلى آخر الصلاة، ولم يذكر التشهد، حتى فات موضعه، فسقط شرطيته؛ لانتفاء العمدية، ولا يحصل العصيان بالترك؛ لعدم العمد، ولا يدل الترك على عدم الوجوب حينئذ.
قوله:(إذا سكت عن حكم الواقعة، دل ذلك على أنه ليس فيها حكم شرعي):
قلنا: قد يكون البيان تقدم قبل هذا السؤال، فقد كان عليه السلام يمكث عددًا من السنين، وهو لا يلزم نفسه الكريمة تكرار النهي عن عبادة الأصنام في كل يوم؛ لأنه قد تقدم، وما بقى لذكره كبير فائدة، فجاز أن يكون الترك لهذا المعنى، والسائل لا يتعلق به الحكم، ويكون ذكره له فيه مفسدة؛ لأن حاله بالنسبة إلى تلك الواقعة يقتضي ذلك؛ كما لو سأل المحرم الشاب عن تفاصيل أحوال الاستمتاع بالنساء، ويكون السؤال أمره به حلال؛ فإن المصلحة تقتضي أن صاحب المسألة يحضر، وأن يترك الحديث مع هذا؛ لئلا يهيج عليه داعية النساء؛ فيفسد حجه.
وكذلك لو سأل النساء المخدرات عن تفاصيل أحوال الرجال، وأمكن السكوت عنهم، ولا يدل ذلك على عدم الحكم في تلك الوقائع؛ فلابد مع ترك الجواب من ضميمة قيود؛ حتى يشعر بعدم الحكم.