ولقائل أن يقول: الترك مطلقًا فيه ظهور على عدم الحكم الشرعي، وهذه صورة نادرة لا تقدح في الظن، بل متى سكت المفتي، غلب على الظن عدم الحكم عنده في تلك المسألة.
قوله:(إن ترك الفعل بعد أن فعله، دل على نسخه عنه)
قلنا: هذا بشرط أن يكون أصل الفعل واجبًا، ويترك في الوقت الذي يتعين فعله فيه، لا لمانع؛ وإلا فالمندوب يجوز تركه؛ كما ترك الخروج للمسجد للصلاة في قيام رمضان، وقال:(خشيت أن تفرض عليكم) وإن كان الوقت لم يأت، أو لم يتعين فعل الواجب، لا يدل ذلك على النسخ، وكذلك الاعتذار بترك الفعل، كتأخير الصلاة إلى دخول وقتها لتركه - عليه السلام - للعذر في الجمع، وهو واجب لم ينسخ، فلا بد من هذه القيود كلها.
قوله:(وإن كان حكم الأمة كحكمه نسخ عنهم)
قلنا: قد تقدمت المناقشة على تعليقه المساواة على كلمة (إن) مع أنها لا يعلق عليها إلا المشكوك، والمساواة معلومة من الدين؛ فلا تعلق على (إن).
قال الغزالي في (المستصفى): الذي يدل على كون الفعل بيانًا سبعة طرق:
وروده عند وقت الحاجة؛ لئلا يتأخر البيان عنها.
الثانية: أن ينقل إلينا فعل غير مفصل؛ كمسحه رأسه وأذنه، ولم ينقل تجديد الماء، ثم ينقل تجديد الماء، فيكون بيانًا مع احتماله للفضيلة.