قال الرازي: الحق أن الفعل قد يكون بيانًا؛ خلافًا لقومٍ.
لنا: أن الخصم إما أن يقول: إنه لا يصح وقوع البيان بالفعل، أو يقول: إنه يصح عقلاً، لكن لا يجوز في الحكمة.
والأول: ضربان: أحدهما: أن يقال: إن الفعل لا يؤثر في وقوع اليقين أصلاً، والآخر: أن يقال: إنه لا يؤثر في ذلك إلا مع غيره، وهو أن يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: هذا الفعل بيان لهذا الكلام.
والأول باطل؛ لأن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - للصلاة والحج أدل عليهما من صفته لهما، فإنه ليس الخبر كالمعاينة، ولهذا بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحج والصلاة، وقال:(خذوا عني مناسككم)، وقال:(صلوا كما رأيتموني أصلي) وبين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضوء بفعلهم.
وأما الثاني وهو ألا يقع البيان بالفعل وحده، إلا عند قيام الدليل على أن ذلك الفعل بيان لذلك المجمل، فهذا مما لا خلاف فيه، إلا أن المبين هو الفعل؛ لأنه هو المتضمن لصفة الفعل، وإنما القول لتعليق الفعل الواقع بيانًا على المجمل.
وأما القسم الثاني: وهو أنه غير جائز في الحكمة، فهو لا يستقيم على أصلنا؛ لأن الله - تعالى - يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.