ثم إن سلمنا هذا الأصل، لكنه لا يمتنع أن يعلم الله تعالى من المكلف أن بيان المجمل بهذا الطريق أصلح له.
احتج المخالف: بأن الفعل يطول؛ فيلزم تأخير البيان.
والجواب: أن القول قد يكون أطول؛ لأن وصف أفعال الصلاة وتروكها على الاستقصاء أصول من الإتيان بركعة واحدة، فجوابكم جوابنا، والله أعلم.
* * *
المسألة الثالثة:
الفعل يكون بيانًا
قال القرافي: قوله: (إن منعوا البيان؛ لأنه ينافي الحكمة، فإن أصلنا أن الله - تعالى - يفعل ما يشاء):
قلنا: وقد تقدم أن الفعل دل على صفة الفعل؛ كما في الحج وغيره، فأمكن أن يكون ذلك الفعل؛ لغموضه، ونفاسته، يتعين بيانه بالفعل، ويمتنع بالقول في مقتضى الحكمة؛ صوتًا لنفاسة ذلك الفعل.
ولا يشك عاقل أن بيان عمل الصنعة الدقيقة كنسج الديباج البديع، والمعاجين العربية كالدرياق الفاروقي والكيمياء والسيماء، ونحو ذلك بالفعل أولى منه بالقول، بل يتعين الفعل، وإلا يفسد ذلك الموصوف بالقول حالة المباشرة غالبًا، والعادة دلت على ذلك.