فإن قلت: الضمير عائد إلى كل القرآن فيجب تأخير بيان الكل وذلك لم يقل به أحد.
قلت: قد تقدم بيان أن الضمير غير عائد إلى الكل، والله أعلم.
أما الذي يدل على كل واحدة من الصور التي ذكرناها فنقول: الدليل على أنه يجوز تأخير البيان في النكرة أن الله تعالى أمر بني إسرائيل بذبح بقرة موصوفة غير منكرة، ثم إنه لم يبينها لهم، حتى سألوا سؤالاً بعد سؤال.
إنما قلنا: إنه لم يرد بقرة منكرة؛ لوجهين:
الأول: أن قوله تعالى: {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي}[البقرة: ٦٨] و {ما لونها} وقول الله تعالى: {إنها بقرة لا فارض، ولا بكر}[البقرة: ٦٩]{إنها بقرة صفراء}{إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض}[البقرة: ٧١] ينصرف إلى ما أمروا بذبحه من قبل، وهذه الكنايات تدل على أن المأمور به ما كان ذبح بقرة منكرة، بل ذبح بقرة معينة.
الثاني: أن الصفات المذكورة في الجواب عن السؤال الثاني، إما أن يقال: إنها صفات البقرة التي أمروا بذبحها أولاً، أو صفات بقرة وجبت عليهم عند ذلك السؤال، وانتسخ ما كان واجبًا عليهم قبل ذلك.
والأول: هو المطلوب، والثاني: يقتضي أن يقع الاكتفاء بالصفات المذكورة أخرًا، وألا يجب حصول الصفات المذكورة قبل ذلك، ولما أجمع المسلمون على أن تلك الصفات بأسرها كانت معتبرة علمنا فساد هذا القسم.
فإن قيل: لا يجوز التمسك بهذه الآية؛ لأن الوقت الذي أمروا فيه بذبح