للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان الملازمة أنه لو لم يجز تأخير بيان المخصص في الأعيان، لكان ذلك؛ لأن تأخيره يوهم العموم، وهو جهل، وهذا المعنى قائم في تأخير المخصص في الأزمان، فعدم الجواز هناك يقتضي عدم الجواز هاهنا.

فإن قيل: الفرق من وجهين:

الأول: أن الخطاب المطلق معلوم أن حكمه مرتفع؛ لعلمنا بانقطاع سبب التكليف، وليس كذلك المخصوص.

وثانيهما: أن احتمال النسخ في المستقبل لا يمنع المكلف في الحال من العمل؛ أما أن احتمال التخصيص في الحال يمنعه من العمل فلأنه لا يدري أنه، هل هو مندرج تحت الخطاب أم لا؟

والجواب عن الأول: أن الله - تعالى - لو قال لنا: (صلوا كل يوم جمعة) لاقتضى ظاهره الدوام، فإذا خرج منه ما بعد الموت للدلالة، بقى الباقي على ظاهره؛ فإن جاز أن يكون حكم الخطاب مرتفعًا مع الحياة والتمكن - ولا يدل ألبتة على ذلك، وإن ظاهر الخطاب يتناوله - جاز مثله في العموم.

وعن الثاني: أن الفرق الذي ذكرتموه إنما يظهر لو أخر الله تعالى البيان عن وقت الحاجة؛ أما إذا أخره عن وقت الخطاب، لا عن وقت الحاجة لم يجب على المكلف الاشتغال بالفعل فلا حاجة في ذلك الوقت إلى تمييز المكلف به عن غيره، كما لا حاجة هناك إلى تمييز وقت التكليف عن غيره.

الدليل الثاني: أجمعنا على أنه يجوز أن يأمر الله تعالى المكلفين بالأفعال مع أن كل واحد منهم يجوز أن يموت قبل وقت الفعل؛ فلا يكون مرادًا بالخطاب، وفي ذلك تشكيك فيمن أريد بالخطاب، وهذا هو تخصيص، ولم يتقدم بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>