واحتج أبو الحسين رحمه الله على المنع من تأخير بيان ما له ظاهر، إذا استعمل في غيره بوجهين.
الأول: أن العموم خطاب لنا في الحال بالإجماع، والمخاطب إما ألا يقصد إفهامنا في الحال، أو يقصد ذلك.
والأول باطل؛ لوجوه
أحدها: أنه إن لم يقصد إفهامنا، انتقض كونه مخاطبًا لنا؛ لأن المعقول من قولنا: إنه مخاطب لنا، أنه قد وجه الخطاب نحونا، ولا معنى لذلك إلا أنه قصد إفهامنا.
وثانيها: أنه لو لم يقصد إفهامنا في الحال مع أن ظاهره يقتضي كونه خطابًا لنا في الحال، لكان قد أغرانا بأن نعتقد أنه قد قصد إفهامنا في الحال، فيكون قد قصد أن نجهل؛ لأن من خاطب قومًا بلغتهم فقد أغراهم بأن يعتقدوا فيه أنه قد عنى ما عنوه.
وثالثها: أنه لو يقصد إفهامنا لكان عبثًا؛ لأن الفائدة في الخطاب إفهام المخاطب.
ورابعها: أنه لو جاز ألا يقصد إفهامنا بالخطاب، جازت مخاطبة العربي بالزنجية، وهو لا يحسنها، إذا كان غير واجب إفهام المخاطبين، بل ذلك أولى بالجواز؛ لأن الزنجية ليس لها ظاهر عند العربي يدعوه إلى اعتقاده معناه، ولو جازت مخاطبة العربي بالزنجية، وبين له بعد مدة، جازت مخاطبة النائم، وبين له بعد مدة، وأن يقصد الإنسان بالتصويت والتصفيق شيئًا يبينه بعد مدة