لا إفادة الاعتقاد الراجح المانع من النقيض: هو أن دلالة الأدلة اللفظية تتوقف على كون النحو، واللغة، والتصريف منقولاً بالتواتر، وعلى عدم الاشتراك، والمجاز، والتخصيص، والنسخ، والإضمار، والنقل، والتقديم، والتأخير، وعدم المعارض العقلي والنقلي، وكل هذه المقدمات ظني، وما يتوقف على الظني أولى أن يكون ظنيًا.
فثبت أن الدلائل اللفظية لا تفيد إلا الاعتقاد الراجح، وهذا القدر لا ينافيه احتمال ورود المخصص بعده.
ومما يحقق ذلك أن الغيم الرطب في الشتاء يفيد ظن نزول المطر، ثم قد لا يوجد في بعض الأوقات، ثم لا يكون هذا العدم قادحًا في ذلك الظن، وإلا لتوقف تحقق ذلك الظن على انتفاء هذا العدم.
فحينئذ يكون ذلك الظن قطعًا، لا ظنًا، هذا خلف، فكذا هاهنا اللفظ العام لا يفيد إلا ظن الاستغراق، وهذا القدر لا يمنع من حدوث المخصص، والله أعلم.
الوجه الثاني في الجواب: أن اللفظ العام إن وجد مع المخصص دل المجموع الحاصل منه، ومن ذلك المخصص على الخاص.
وإن وجد خاليًا عن المخصص، دل هو مع عدم المخصص على الاستغراق، وذلك متردد بين هاتين الحالتين على السواء، فهو بالنسبة إلى هاتين الحالتين؛ كاللفظ المشترك بالنسبة إلى مفهوماته، والمتواطئ بالنسبة إلى جزئياته فكما أنه يجوز عند أبي الحسين ورود اللفظ المشترك والمتواطئ خاليًا عن البيان؛ لأنه يفيد أن المراد أحد تلك المسميات، فكذا هاهنا اللفظ العام قبل العلم بأنه وجد معه