وقال الكرخي وبعض الفقهاء: يجوز تأخير بيان المجمل، دون غيره.
وقيل: يتأخر في الأمر والوعد والوعيد، دون الخبر.
وقال الجبائي وابنه وعبد الجبار: يتأخر بيان النسخ، دون غيره.
قلت: وهذا يوهم الخلاف في النسخ، والغزالي حكى الاتفاق فيه و (المحصول) حكى عن أبي الحسين فيه وجوب البيان الإجمالي، فيجمع بين هذه النقول؛ بأن يكون الاتفاق على تأخير التفصيل، والخلاف في الإجمال، وكذلك حكاه صاحب (المعتمد) في (المعتمد).
قوله:(تأخير بيان النسخ فيما له ظاهر استعمل في خلافه):
قلنا: هذا يتجه، إذا قلنا: الأمر للتكرار أبدًا في الأزمة الممكنة، أو يكون الدليل من خارج على التكرار بأن يكون الأمر ليس للتكرار.
وتقول: افعلوا هذا أبدًا، ويكون المأمور به فعلاً واحدًا؛ كذبح إسحاق - عليه السلام - فإن الظاهر في هذه المواطن كلها النسخ؛ على خلاف الظاهر فيها.
وأما إذا قلنا بأن الأمر للمرة الواحدة، أو للقدر المشترك بين الواحدة والتكرار، فلا يكون تأخير النسخ هاهنا على خلاف الظاهر؛ بأن يكون المتكلم قد أراد، ولم يدل دليل منفصل عليه، ثم نسخه، وهذا إنما يتجه على رأي القاضي القائل بأن المنسوخ كان دائمًا في نفس الأمر، والنسخ رفع له.
وأما عند الفقهاء بأن النسخ بيان، فلا يتصور أن الله - تعالى - أراد بالخطاب الدوام أصلاً، وتكون حقيقة النسخ في هذا القسم مستحيلة.