قوله:(تأخير بيان الأسماء الشرعية هو تأخير بيان ما له ظاهر):
يريد أنها كذلك، إذا استعملت في غير المسميات الشرعية؛ بأن يستعمل الصلاة في الدعاء، والصوم في مطلق الإمساك، ونحو ذلك.
قوله:(جوز المعتزلة تأخير بيان النسخ وحده):
تقريره: أن الفرق عندهم: أن النسخ، لو عجل بيانه عند ذكر المنسوخ بأن يقول: ليقف الواحد منكم لعشرة، وهذا حكمي عليكم إلى سنة، وبعده يكون الحكم وجوب الواحد للاثنين - فكان إبطالاً للنسخ؛ لأن الوجوب حينئذ ينتهي بغايته عند مجيئها، ولا يبقى نسخ، كما لو انتهى الصوم بغروب الشمس لا يقال: إنه منسوخ، فتعجيل بيان النسخ يبطل النسخ ألبتة؛ فلا جرم وجب تأخير بيانه إلى وقت النسخ، ويبقى السامع عندهم في الجهل البسيط بمراد المتكلم على الدوام أبدًا في ذلك الفعل؛ حتى يأتي الناسخ.
وهذا - وإن كان على خلاف قاعدتهم - إلا أن الإجماع اضطرهم إليه، وإلا فمقتضى قاعدتهم إحالة النسخ؛ لأن فيها تجهيلاً للسامع، لكن عجزوا عن إجراء قاعدتهم فيه؛ ولا جرم ينبغي إيراده نقضًا عليهم، ويقاس عليه غيره؛ فإنه لا حيلة لهم فيه؛ لأجل الإجماع قبل ظهورهم، وهو من ضروريات الشرائع قبل شرعنا، فاضطروا إليه قهرًا.
قوله:(ثم) ترد بمعنى (الواو) كقوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب}[الأنعام: ١٥٤]، {ثم كان من الذين آمنوا}[البلد: ١٧]{ثم الله شهيد}[يونس: ٤٦].
قلنا:(ثم) موضوعة لأن يكون الثاني بعد الأول، ومتراخيًا عنه، وقد ورد على خلاف ذلك الثاني قبل الأول؛ كقوله تعالى:{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}[الأعراف: ١١] فالتصوير بعد الخلق؛ لأن الخلق هاهنا التقدير، كقوله تعالى: {هو الله الخالق البارئ