البيان الإجمالي بوصف التأخير في نفس الأمر من جملة بيانه ألبتة، بل هو مستحيل عقلاً عنده.
قوله:(نحن نقول بوجوب تأخير البيان):
تقريره: أن اسم الفاعل يصدق على بعضه كما تقدم، وبعض بيان القرآن تأخر بالضرورة، كما تأخر بيان مقادير الزكوات وغيرها، وإذا ثبت ذلك في البعض كان الخبر صادقًا، فأمكن القول بوجوب التأخير عقلاً؛ تصديقًا للخبر.
قوله:(الآية تقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأنهم كانوا محتاجين لذبح البقرة؛ لبيان أمر القتيل، ورفع الفتنة من بينهم، وأنتم لا تقولون به):
قلنا: لا نسلم أنَّا لا نقول به، بل هذا هو الصحيح من مذهبنا؛ بناء على جواز تكليف ما لا يطاق، وهو الصحيح المشهور عندنا.
فإن قلت: هاهنا سؤال آخر، وهو أن المصنف، إنما أجاب، بناء على أن الأمر ليس على الفور، وهذا الجواب ضعيف لوجهين:
أحدهما: أنه لا يعم مذاهب القائلين بالفور وغيره.
وثانيهما: أن الأمر - وإن كان للتراخي - فذلك ما لم تحتف قرينة تقتضي الفور، وهاهنا قرينة، وهي الحاجة لرفع النزاع بسبب القتيل، وسد باب القتل والفساد والعناد؛ فهو للفور هاهنا.
قلت: الجواب عنه: أن المقصود حاصل على كل تقدير؛ لأن الآية، إذا دلت على جواز التأخير عن وقت الحاجة، دلت على التأخير عن وقت الخطاب، لوجهين:
أحدهما: أن كل من قال بتأخير البيان عن وقت الحاجة، قال بتأخير البيان عن وقت الخطاب، فلا قائل بالفرق.