وثانيهما: أنه إذا ثبت تأخيره عن وقت الحاجة، جاز تأخيره عن وقت الخطاب بطريق الأولى؛ لأن المفسدة في التأخير عن وقت الحاجة أعظم.
قوله:(الكنايات كنايات القصة والشأن):
قلنا: هذه عبارة عادة النحاة يتوسعون فيها على هذه الطريقة، فيجمعون أبدًا بين لفظي القصة والشأن في كل ضمير يجدونه من هذا الباب، وطريق المناقشة عليهم: أن القصة مؤنثة، فضميرها لا يكون إلا مؤنثًا، والشأن مذكر، فضميره لا يكون إلا مذكرًا، فيحمل كل ضمير على ما يليق به، فهذا الضمير مؤنث، فيتعين أن يقال فيه: ضمير القصة ولا يذكر الشأن، وكذلك قوله تعالى:{فإنها لا تعمى الأبصار}[الحج: ٤٦].
وقوله تعالى:{قل هو الله أحد}[الإخلاص: ١] ضمير الشأن فقط، وكذلك قوله تعالى:{إنه من يأت ربه مجرمًا}[طه: ٧٤] لأجل التذكير.
وأيضًا، فإن ضمير الشأن، أو القصة أجمع النحاة على أنه لا بد في بيانه من جملة بعده لأنه لا يبين بالمفرد؛ بسبب أن الشأن والقصة في أنفسهما كلام تام، وتفسير الكلام التام بالمفرد مستحيل، إلا أن يكون اللفظ المفرد موضوعًا بإزائه، فيجمل؛ كلفظ الخبر والحديث ونحو ذلك، فإن مدلول هذه الكلمات كلام تام مفيد، فيصلح أن يفسر الشأن والقصة لحصول المطابقة في المعنى؛ بخلاف قولنا:(إنها بقرة صفراء) هذا القول بعد الضمير صفة وموصوف لا يستقل كلامًا، فيتعين أن يكون الضمير ضمير الشأن.
قوله:(أمروا بذبح بقرة مطلقة، وذلك يقتضي سقوط التكليف بأي بقرة كانت):
قلنا: هذا غير متجه؛ لأن مدعاكم أن المطلوب غير معين، فينبغي أن تأتوا