للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام في الأفعال

قال القرافي: قوله: (اختلفت الأمة في عصمة الأنبياء عليهم السلام):

قلنا: أخذ الشيء بالرد والقبول فرع عن كونه معقولًا، أما عصمة الأنبياء عليهم السلام، فإن قلتم: إن معناها أنهم لا يصدر منهم المعصية، يشكل بكثير من الصبيان الذين بلغوا أو ماتوا قريب بلوغهم من غير أن يعصوا، فقد صدق معنى العصمة الذي ذكرتموه في حقهم، مع أنهم ليسوا معصومين.

وكذلك الصحابة- رضوان الله عليهم- وكثير لم يصدر منهم الكفر، ولا الكبائر، وليسوا معصومين، فلا يكفي في العصمة أن معناها عدم صدور المعصية، بل لابد من تحرير هذا المقام، وهو أنا نقول: قاعدة النقائض مستحيلة على الله- تعالى- والمعاصي مستحيلة على الملائكة والأنبياء- عليهم السلام- وعلى الأمة المحمدية- أعني مجموعها- وأفراد الأمة كل واحد منهم قد استحال منه صدور المعاصي التي لم يقدم عليها، فاشترك الجميع في امتناع صدور النقائض عنهم.

ويقول أهل العرف: من العصمة ألا يحد، وكل واحد من هذه المواطن له ضابط:

أما تقديس الله- تعالى- وامتناع النقائض عليه: فاجتمع فيه أمور:

أحدها: أنه لذاته- تعالى- يوجب ذلك له غير معلل بشيء.

وثانيها: أنه لما كان كذلك، علم الله- تعالى- ذلك؛ فوجب ذلك لأجل العلم، ولما علمه أخبر عنه، فصار واجب الخبر.

وأما عصمة الملائكة والأنبياء- عليهم السلام- ومجموع الأمة: فالاستحالة في حقهم، والعصمة من باب واحد، وهو أن معناها إخبار الله

<<  <  ج: ص:  >  >>