ورابعها: ما يتعلق بأفعالهم، واختلفت الأمة فيه على أربعة أقوال:
أحدها: قول من جوز عليهم الكبائر عمدًا، وهؤلاء منهم من قال بوقوع هذا الجائز، وهم الحشوية.
وقال القاضي أبو بكر: هذا وإن جاز عقلًا، ولكن السمع منع من وقوعه.
وثانيها: أنه لا يجوز أن يرتكبوا كبيرة ولا صغيرة عمدًا، لكن يجوز أن يأتوا بها، على جهة التأويل، وهو قول الجبائي.
وثالثها: أنه لا يجوز ذلك، لا عمدًا، ولا من جهة التأويل، لكن على سبيل السهو، وهم مؤاخذون بما يقع منهم؛ على هذه الجهة، وإن كان موضوعًا عن أمتهم؛ لأن معرفتهم أقوى، فيقدرون على التحفظ عما لا يتأتى لغيرهم.
ورابعها: أنه لا يجوز أن يرتكبوا كبيرة، وأنه قد وقعت منهم صغائر على جهة العمد، والخطأ، والتأويل، إلا ما ينفر كالكذب والتطفيف، وهو قول أكثر المعتزلة.
والذي نقول به أنه لم يقع منهم ذنب، على سبيل القصد، لا صغيرًا ولا كبيرًا، أما السهو فقد يقع منهم، لكن بشرط أن يتذكروه في الحال، وينبهوا غيرهم على أن ذلك كان سهوًا، وقد سيقت هذه المسألة في علم الكلام. ومن أراد الاستقصاء، فعليه بكتابنا في عصمة الأنبياء، والله أعلم.