للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجود، إلا أن تكون كنفيها؛ بخلاف المعهود، وهو فيما ظهر بقرينة تعاطيه في معرض التقرب، أو مظان القربات، أو كان عليه السلام يواظب عليه فظهر، أن احتمال الذنب لم يكن ممتنعًا، فلا أقل من أن يكون بعيدًا، وكذلك احتمال الإباحة؛ فإن تعاطي المباحات فيما عدا مصالح المعاش يعتبر في نظر أهل العزائم من باب اللعب، ويضيع الوقت؛ فيبعد ذلك في حق من عرف بحفظ وقته، ورعاية زمانه، فكيف في حق الأنبياء عليهم السلام.

وإذا ظهر الرجحان في فعله- عليه السلام- فغيره لا دليل عليه؛ فيتوقف فيه إلى أن يأتي دليل.

وأما النظر الآخر: فالظاهر لزومه في حقنا؛ لأن النادر أن يفعل ما هو خاص به- عليه السلام- ويدل عليه سيرة الصحابة- رضي الله عنهم- في مبادرتهم للاقتداء به- عليه السلام- ولو في المباحات؛ إلا أن يمنعوا؛ حتى أن ابن عمر كان بطريق (مكة) يقود برأس رحلته يثنيها ويقول: لعل خفًا تقع على خف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله عليه السلام: (ألا أخبرتها) قاطع في الحجة:

يريد التبريزي: قوله عليه السلام: (ألا أخبرتها أني أقبل، وأنا صائم):

قال: وقول المصنف: إنه أخبار آحاد.

قلنا: لم يبق في ربتة الآحاد، بل استفاض هو وأمثاله، بل صار كالمعلوم بالضرورة من سيرة الصحابة لمن يتبع آثارهم، ويؤيده أنه من باب التعظيم، كما ستجده من أنفسنا في صالحي زماننا.

وتعظيم النبي- عليه السلام- واجب، وأصله مندوب في مراتبه.

قلت: كان ينبغي أن يقول: أصله واجب، ومراتبه قد تكون مندوبة، أما وصفه أصله بالندب، فغير متجه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>