قال الرازي: قال جماهير الفقهاء والمعتزلة: التأسي به واجب، ومعناه: أنا إذًا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل فعلًا على وجه الوجوب، فقد تعبدنا أن نفعله على وجه الوجب، وإن علمنا أنه تنفل به كنا متعبدين بالتنفل به، وإن علمنا أنه فعله على وجه الإباحة، كنا متعبدين باعتقاد إباحته لنا، وجاز لنا أن نفعله.
وقال أبو علي بن خلاد من المعتزلة: نحن متعبدون بالتأسي به في العبادات دون غيرها كالمناكحات والمعاملات، ومن الناس من أنكر ذلك في الكل.
واحتج أبو الحسين بالقرآن، والإجماع:
أما القرآن فقوله تعالى:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}[الأحزاب: ٢١] والتأسي بالغير في أفعاله هو أن يفعل على الوجه الذي فعل ذلك الغير، ولم يفرق الله تعالى بين أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت مباحة، أو لم تكن مباحة.
وقوله تعالى:{واتبعوه}[الأعراف: ١٥٨] أمر بالإتباع فيجب.
أما الإجماع فهو:(أن السلف رجعوا إلى أزواجه في قبلة الصائم) وفي أن (من أصبح جنبًا، لم يفسد صومه) و (في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وهو حرام) وذلك يدل على أن أفعاله لابد من أن يمتثل فيها طريقه.
ولقائل أن يقول على الدليل الأول: الآية تقتضي التأسي به مرة واحدة، كما أن قول القائل لغيره:(لك في الدار ثوب حسن) يفيد ثوبًا واحدًا، فإن قلت: هذا إن ثبت، تم غرضنا من التعبد بالتأسي به صلى الله عليه وسلم في الجملة.