والجواب عن الحجة الثانية: أن قوله تعالى: {واتبعوه}[الأعراف: ١٥٨] مطلق في الإتباع، فلا يفيد العموم في كل شيء من الإتباعات، والأمر لا يقتضي التكرار؛ فلا يفيد العموم في كل الأزمنة.
فإن قلت: ترتيب الحكم على الاسم يشعر بأن المسمى علة لذلك الحكم، فماهية المتابعة علة للأمر بها.
قلت: فعلى هذا، لو قال السيد لعبده:(اسقني) يلزم أن يكون أمرًا له بجميع أنواع السقي في كل الأزمنة ولو قال له: (قم) يلزم أن يكون أمرًا له بجميع أنواع القيام في كل الأزمنة، وفي هذه الأمثلة كثرة، وما ذكرناه كاف في إفساد ما قالوا، والله أعلم.
وأما الإجماع فقد سبق الكلام عليه، والله أعلم.
المسألة الثالثة
في وجوب التأسي
قال القرافي: قلت: هذه المسألة في غاية الالتباس بالتي قبلها؛ لأن المعنى بدلالة الفعل على الوجوب: أنه يجب علينا التأسي به.
وقولنا: لا يدل الفعل على الوجوب، أي: لا يجب التأسي، غير أن الفرق بينهما من جهة، وهو أن البحث في المسألة الأولى في أنه، هل نصب فعله- عليه السلام- دليلًا أم لا؟ فالبحث في المسألة الأولى، إنما هو في نصب الفعل دليلًا.
فإذا قلنا بأنه لم ينصب أو نصب؛ فهل كلفنا نحن بإتباعه؟ وإن لم ينصب دليلًا، كما نقوله في إمام الصلاة، والخليفة، وولاة الأمور؛ أنه تجب طاعتهم وإتباعهم، وإن كنا لا نقول: إن أفعالهم نصبت دليلًا شرعيًا.