قلنا: حاصل كلامكم يرجع إلى تفسير الحكم بالتعلق، والتعلق وحده لا يمكن أن يكون حكما، بل لابد من اعتبار المتعلق، فإن تعلقا بغير متعلق محال، وإذا أخذتم المتعلق، فهو الكلام القديم أو اللساني.
والثاني: محال؛ لأنه دليل الوجوب، وجميع الأحكام، لا نفس الأحكام؛ فتعين القديم، وهو معنى قول الجماعة: إن حكم الله تعالى هو الكلام القديم، أي القديم المتعلق تعلقا خاصا يغاير تعلق الخبر وغيره، وعندهم هذا المتعلق كان معينا في نفس الأمر، مستمرا في الاعتقاد، فهذا الكلام لا يبطل ما قاله الجاماعة، ولا يرد عليهم.
الرابعة: على قولهم: " القديم لا يتصور له انتهاء ".
قلنا: لا نسلم أن القديم لا يتصور له انتهاء، وإنما يلزم ذلك أن لو كان الحكم القديم هو كله لجميع اعتباراته وجوديا، وليس كذلك؛ لأن الحكم عندنا مركب من مفهومين:
أحدهما: الكلام القديم، وهو وجودي، والآخر التعلق، وهو نسبة عدمية، وهي قديمة، فالمجموع قديم، ولأجل كونه قديما باعتبار أجزائه، صح ارتفاعه، وأن يكون له غاية، امتنع عندنا الرعفا؛ لأجل العلم والخبر، وما يلزم فيهما من المحال، فاستحال بغيره، بقى كونه فعيا ونفيا قلنا به لتعينه.
وقال تاج الدين:" صورة المسألة بمثال، وهو نفس المسألة، وذكر مباحث الأعراض ".
فقوله:" وهو نفس المسألة " لم يقله الإمام، بل حوم عليه، فيكون ورود الإشكال على تاج الدين أتم، وإنما قال في (المحصول): " المثال الكاشف عن حقيقة المسألة " وقد يكشف عنها، ولا يكون عينها، ولا مساويا لها؛ فإن الأدلة مع المدلولات، والصنعة مع صانعها، كذلك مع عدم المساواة، فهذا التصريح أوجه في تحقيق الغلط، وأبعد عن الغلط.