وأما الجواب؛ على قول اصحابنا، رحمة الله عليهم، فهو أن المخصص لم يكن مذكورا في زمان موسى، عليه السلام.
قوله: هذا تلبيس، قلنا: سبق الجواب عنه في مسألة تاخير البيان عن وقت الخطاب، والله اعلم.
والجواب عن الثالث: انا لا نعلم ان موسى، عليه السلام، قال ذلك؛ لأن نقل التوراة منقطع بحادث " بخت نصر " سلمنا صحة هذا النقل؛ لكن لفظ التأبيد في التوراة قد جاء للمبالغة دون الدوام في صور:
إحداها: قوله في العبد: " إنه يستخدم ست سنين، ثم يعتق في السابقعة، فإن أبى العتق، فلتثقب أذنه، ويستخدم أبدا ".
وثانيها: قيل في البقرة التي أمروا بذبحها: يكون ذلك سنة ابدا، ثم انقطع التعبد بذلك عندهم.
وثالثها: أمروا في قصة " دم الفصح " بأن يذبحوا الجمل، وياكلوا لحمه ملهوجا، ولا يكسروا منه عظما، ويكون لهم هذا سنة أبدا، ثم زال التعبد بذلك.
ورابعها: قال في السفر الثاني: " قربوا إلى كل يوم خروفين، خروفا غدوة، وخروفا عشية قربانا دائما لاحقا بكم ".
ففي هذه الصور وجدت ألفاظ التأبيد، ولم تدل على الدوام، فكذا ما ذكرتموه، والله أعلم.