شيء لا يلزم أن يقع، بل يجوز عدمه في الوقت الذي علم وجوده، أو علم عدمه أو يجوزوا وجوده في الوقت الذي علم عدمه؛ لأنه لا فرق بين الوجوب المعتبر باعتبار الخبر، أو باعتبار العلم، لكن خلاف المعلوم متفق على عدم تجوزوا، فكذلك خلاف الخبر الثاني أن الله تعالى إذا قال: عمرته ألف سنة، فإما أن يستعمل اللفظ ابتداءً في الألف ن ويكون واقعه أو لا يكون الواقع إلا الأقل، فإن كان الأول كان البناء بعد ذلك محالًا غير مطابق، وهو على الله تعالى محال.
وإن كان الثاني لزم أن يكون لفظ العدد يقبل المجاز، والمنقول أن اسماء الأعداد نصوص لا تقبل المجاز.
الثالث: سلمنا صحة ذلك جميعه، لكن يكون ذلك من باب المجاز والحقيقة، والنسخ إنما هو فيما إذا استعمل اللفظ حقيقة في شيء، ثم نسخ، كما أوجب عاشوراء، وأراد باللفظ ظاهره، ثم نسخه، فالحق المقطوع به الذي لا يتجه غيره أن النسخ في الخبر محال، إلا أن يكون خبرًا عن حكم؛ فإن الخبر عن الحكم يجوز نسخه، كلفظ الأمر، هذا إذا كان متعلق ثبوت الحكم في المستقبل مثل قوله تعالى:{ولله على الناس حج البيت}[آل عمران: ٩٧].
أما لو أخبر عن ثبوت حكم في الماضي بأن يقول: أوجبت على بني إسرائيل خمسين صلاة، فإن هذا لا يجوز نسخه؛ لأنه يلزم منه الخلف المستحيل على الله تعالى كالإخبار عن حدث العالم بأنه قديم، ولا فرق.
قوله:"وإن كان خبرًا عن مستقبل كقوله: (لأعذبن الزاني ابدًا) يجوز أن يبين أن عذابه ألف سنة".
قلنا ك هذا صحيح، لكنه يرجع إلى إطلاق العام، وإرادة الخاص، فهذا ليس من باب النسخ في شيء، بل هذا من باب المجاز والحقيقة.