الثاني: لا نسلم أنه يلزم من إثبات حق الوارث منع إثبات حق آخر له، ويدل على ذلك أن الوارث لو كان له دين، أو غير ذلك كان له أخذه مع الميراث، فأخذ الدين بسبب سابق كأخذ الوصية بسببها، وهو الإيصاء.
فإن قلت: قوله تعالى: {منهما السدس}[النساء: ١١]، {فلهما الثلثان}[النساء: ١٧٦]، ونحوه من آيات المواريث صيغ شروط، وهذه أجوبتها، ومتى ذكر جواب شرط بعده كان هو كمال ما يترتب عليه، فلا يرد عليه لدلالته على الحصر.
قلت: لا نسلم أن كلها شروط كقوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم}[النساء: ١٢] لا شرط فيه، بل خبر محض عن الحكم الشرعي باستحقاق ذلك، سلمنا أنها كلها شروط، وأن هذه الأوصاف تقوم مقام الشروط، وأن يصرح بالشرط، لكن ذلك يقتضي الحصر باعتبار ذلك الشرط لا مطلقًا.
فإذا قال: من زنى جلد مائة يقتضي أن هذا كمال ما يجلد باعتبار الزنا، وجاز أن يجلد باعتبار القذف؛ لأنه سبب آخر فكذلك هاهنا.
قوله:"هذا الخبر ليس متواترًا، فيلزم نسخ الكتاب بخبر الواحد".
قلنا: جاز ألا يكون متواترًا، ولا يكون خبرًا واحدًا عند القضاء بالنسخ، بل مسموعًا منه عليه السلام فيكون نسخًا بالمقطوع كما قلتموه في الرجم وغيره.
قوله:"الثاني قوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم}[النحل: ٤٤] ".
قلنا: قد تقدم أن قوله تعالى: {لتبين للناس}[النحل: ٤٤] فعل في سياق الثبوت، فيكون دالًا على القدر الأعم، والدال على الأعم غير