تقريره: أن دليل الخطاب هو مفهوم المخالفة كما إذا قال عليه السلام: " في الغنم السائمة الزكاة "، ثم قال عليه السلام:" في المعلوفة الزكاة ".
فإن دليل الخطاب ينفي مقتضى هذه الزيادة والشرط، كما لو قال عليه السلام:" في الغنم الزكاة إن كانت سائمة "، ثم يقول عليه السلام:" في الغنم المعلوفة الزكاة "، ومقصود هذا القائل أن النفي كان ثابتا بدليل شرعي، ورفع ما ثبت في الشرع، فيكون نسخا، وسيعلم أن هذا لا يصح، وأن تقرير الشرع للنفي بصريح اللفظ لا يكون المخالفة له بعد ذلك نسخا، فما عول على مدرك صحيح.
قوله:" إن غيرت بعدم الإجزاء كان نسخا، وإلا فلا ".
قلنا: وهذا المدرك أيضا ضعيف؛ لأن المرتفع هو الإجزاء الكائن قبل الزيادة، والإجزاء معناه أن الشرع لم يوجب ضم شيء آخر إليه، فهو يرجع إلى البراءة الأصلية، ورفع البراءة الأصلية ليس نسخا في إصطلاح العلماء، وهو المقصود هانا كما إذا قال القائل: من حج مرة واحدة أجزأ عنه، فقال له: لم يجزئ عنه، فيقول: لأن الله تعالى لم يوجب غيرها، فيشير إلى البراءة الأصلية، ويقول: من صام نصف رمضان لا يجزئ عنه، فيقال له: لم؟ فيقول: لأن الله تعالى أوجب صوم جملته، فظهر أن الإجزاء راجع إلى البراءة الأصلية، ورفعها ليس نسخا إجماعا.
قوله:" إذا قال الله تعالى: " الثمانون كمال الحد " لا يقبل خبر الواحد في الزيادة ".
تقريره: أن خبر الواحد هاهنا يرد لا لأجل النسخ؛ بل لأنه إذا تعارض تواتر وآحاد معلوم ومظنون، وليس بينهما عموم وخصوص، قدم المعلوم على المظنون.