قوله:(لأنها تقتضي أن يكون كل واحدٍ منهم آمرًا بالمعروف، وليس كذلك):
قلنا: المخاطب بقوله تعالى:} كنتم خير أمةٍ {[آل عمران: ١١٠] ليس كل واحدٍ من الأمة:
أما أولا: فلأنه تعالى - وصف المخاطب بهذا الخطاب بكونه خير أمةٍ، فلو كان المخاطب بهذا الخطاب كل واحدٍ من الأمة، لزم وصف كل واحدٍ من الأمة بأنه خير أمة، وذلك غير جائزٍ؛ لأن الشخص الواحد لا يوصف بأنه أمة إلا على سبيل المجاز؛ كما في قوله تعالى:} إن إبراهيم كان أمةً {[النحل: ١٢٠] بدليل أن المتبادر إلى الفهم من قوله: (حكمت الأمة بكذا) المجموع.
وأما ثانيا: فلأنه يلزم في كل واحد أن يكون خير أمةٍ أخرجت للناس؛ وإذا كان كل واحد خير أمة، وجب أن يكون كل واحد خيرًا من صاحبه، ولما بطل ذلك، ثبت أن المجموع هو المخاطب بهذا الخطاب، وهو يجري مجرى قول الملك لعسكره:(أنتم خير عسكرٍ في الدنيا: تفتحون القلاع، وتكسرون الجيوش) فإن هذا الكلام لا يفهم منه أن الملك وصف كل واحد من آحاد العسكر بذلك، بل إنه وصف المجموع بذلك؛ بمعنى أن في المعسكر من هو كذلك، فكذا هاهنا وصف الله تعالى مجموع الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بمعنى أن منهم من هو كذلك، وحملة على الإمام المعصوم غير جائز؛ لأنه واحد، ولفظ (الأمة) لفظ الجمع.