بل للخوف من الإمام، وأما عند عدم الإمام، فالمكلف إنما يتركه؛ لقبحه، لا للخوف من الإمام.
فإن قلت: هذا باطل بترتب العقاب على فعل القبيح؛ فإنه يقتضي أن يكون المكلف تاركًا للقبيح، لا لقبحه، بل للخوف من العقاب.
قلت: أنا سائل، فيكفيني أن أقول: لم لا يجوز أن تكون هذه الجهة مفسدةً مانعةً؟ وعليك الدلالة على أنها ليست كذلك.
ولا يلزم من قولنا:(ترتيب العقاب عليه لا يقتضي هذه الجهة من المفسدة) أن يكون نصب الإمام غير مقتضٍ لها؛ لاحتمال أن يكون حال كل واحدةٍ منهما بخلاف حال الآخر.
والذي يحقق ذلك أن ترتيب العقاب على فعل القبيح لا يعلم إلا بالشرع، فقبل ورود الشرع يجوز أن تكون فيه مفسدة من هذه الجهة، فلما ورد الشرع به، علمنا أنه لا مفسدة فيه من هذه الجهة؛ لأن الشرع لا يأتي بالمفسدة، فنظيره في مسألتنا أن تقولوا: يجوز قبل ورود الشرع أن يكون نصب الإمام مفسدةً من هذه الجهة، فلما ورد الشرع به، علمنا أنه لم يكن مفسدةً من هذه الجهة؛ لكن على هذا التقدير يصير وجوب الإمامة شرعيا.
وثانيهما: أن يقال: فعل الطاعة، وترك المعصية عند عدم الإمام أشق منهما عند وجوده، فيكون نصب الإمام سببًا لنقصان الثواب من هذا الوجه، وبتقدير هذا الاحتمال، فلا نسلم أنه يحسن نصب الإمام، فضلا عن وجوبه.
سلمنا أن الإمام لطف؛ لكن في كل الأزمنة، أو في بعشها؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم.