فإن قلت: الإمام لطف في المصالح الدينية العقلية؛ لأنه إذا زجرهم عن القبائح، وأمرهم بالواجبات العقلية مرةً بعد أخرى، تمرنت نفوسهم عليها، وإذا تمرنت نفوسهم عليها، تركوا القبائح؛ لقبحها، وأتوا بالواجبات؛ لوجه وجوبها، وذلك مصلحة دينية.
قلت: لا نسلم تفاوت حال الخلق بسبب وجود الإمام في هذا المعنى؛ فإن بوجود الإمام ربما وقعت أحوال القلوب؛ على ما ذكرتموه، وربما صارت بالضد من ذلك؛ لأنهم إذا أبغضوه بقلوبهم، وعاندته نفوسهم، ازدادت المفسدة، وربما أقدموا على الأفعال والتروك؛ لمحض الخوف منه.
وبالجملة: فالتفاوت الحاصل في أحوال الخلق، إنما يظهر فيما عددناه من المصالح الدنيوية، أو فيما عددناه من المصالح الشرعية.
فأما فيما تعدونه من المصالح الدينية العقلية فهذا التفاوت ممنوع فيه، فإن الاحتمالات متعارضة فيها.
سلمنا أنه لفظ؛ فلم قلت: إن كل لطف واجب؟
قوله في الوجه الأول:(فعل اللطف جار مجرى التمكين):
قلنا: هذا قياس، وقد بينا أنه لا يفيد اليقين، ثم نقول: لا نسلم أن فعل اللطف جارٍ مجرى التمكين.
قوله:(من قدم الطعام إلى إنسان، وأراد منه تناوله .....) إلى آخره:
قلنا: لا نسلم أن ترك التواضع في تلك الحالة يقدح في تلك الإرادة على الإطلاق.