ولو لم يتوقف على المرجح، لجاز أن يقال أن الله تعالى خلق ذلك المعجز لا لغرض أصلا.
ثم إن كان ذلك لغرض فلم قلتم: إنه لا غرض سوى التصديق؟
فإن قلت القول بالقبح العقلي يمنع من خلق المعجز على يد الكاذب مطلقا، لأن خلقه عند الدعوى يوهم أن المقصود منه التصديق فلو كان المدعي كاذبا لكان ذلك ايهاما لتصديق الكاذب وإنه قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح.
قلت: لم قلت: إن الفعل الذي يوهم القبيح ولم يكن موجبا له قبيح؟
وذلك لأن المكلف لما علم أن خلق المعجز عند الدعوى يحتمل أن يكون للتصديق ويحتمل أن يكون لغيره، فلو حمله على التصديق قطعا لكان التقصير من المكلف حيث قطع لا في موضع القطع، وهذا كإنزال المتشابهات في القرآن فإنه يوهم القبيح ولكنه لما احتمل سائر الوجوه لم يقبح شيء منها من الله تعالى.
فثبت أن الإلزام الذي أوردوه علينا في إحدى المقدمتين وارد عليهم في المقدمة الأخرى وكل ما يجعلونه جوابا عنه في تقرير إحدى المقدمتين فهو جوابنا في تقرير المقدمة الأخر. ى
والجواب عما ذكروه ثالثا: أنه وارد عليهم أيضا، لأن الكذب قد يكون حسنا وذلك في صورتين إحداهما أن الكافر إذا قصد قتل النبي فاختفي النبي في دار انسان فجاء الكافر وسأل صاحب الدار عن ذلك النبي وعلم صاحب الدار أنه لو أخبره عن مكان النبي أو سكت أو اشتغل بالتعريض لقتله قطعا فها هنا الصدق قبيح والكذب حسن.