فإن قلت لم لا يجوز أن يكون العدم شرطا لتأثير العلة في المعلول؟!
قلت: لأنه إذا فقد هذا العدم لم تكن العلة مؤثرة في المعلول وعند وجوده تصير مؤثرة فيه فكون العلة بحيث تستلزم المعلول وتستعقبه أمر حدث مع حدوث هذا العدم وليس له سبب آخر سواه فوجب تعليله به فيعود الأمر إلى تعليل الأمر الثبوتي بالأمر العدمي وهو محال.
وأما الجواب عما احتجوا به أولا فهو أن رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر إن افتقر إلى المرجح توقف رجحان فاعلية العبد على تاركيته على مرجح غير صادر من جهته وإلا وقع التسلسل ويكون رجحان الفاعلية على التاركية عند حصول ذلك المرجح واجبا وإلا لزم الرجحان لا لمرجح.
وإذا كان كذلك لزم الجبر ويلزم من لزوم الجبر القطع ببطلان القبح العقلي.
وإن لم يفتقر الرجحان إلى المرجح أصلا فقد اندفعت هذه الشبهة بالكلية
والجواب عما احتجوا به ثانيا أن الاستدلال بالمعجزة على الصدق مبني على مقامين: أحدهما: أن الله تعالى إنما خلق ذلك المعجز لأجل التصديق
والثاني: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق، والقول بالحسن والقبح إنما ينفع في المقام الثاني، لا في المقام الأول فلم قلتم إن الله تعالى ما خلق هذا الفعل إلا لغرض التصديق؟!
وتحقيقه: أن لو توقف الرجحان على المرجح لزم الجبر وإذا لزم الجبر، لزم بطلان القبيح العقلي لزم بطلان القبح العقلي.