للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيف الدين: اختلف المعتزلة فقال أوائلهم: الصفات لاتوجب الحسن والقبح، ومنهم من أوجب ذلك، ومنهم من أوجبه في القبح دون الحسن، وورد على كلام الإمام ستة عشر سؤالا:

الأول: على قوله: إنما النزاع في كون الفعل متعلق الذم عاجلا والعقاب آجلا، فإنه يشعر بأن هذا الترتيب فيه النزاع، وليس كذلك عندنا، وعند المعتزلة يجوز أن يحرم الله تعالى، ويوجب ولا يجعل ذما أصلا، بل بحصول المقصود بالوعيد من غير ذم، فلا يصح أن تعجيل الذم متنازع فيه، وكذلك يكلف الله - تعالى- فلا يعاقب آجلا، بل يعجل العقوبة عقيب الذنب، ولا ينازع المعتزلة ولا أهل السنة في جواز ذلك، بل الله تعالى قدر بإرادته تعجيل الذم، وتأجيل العقاب الأعظم، وغيره ممكن عند الفريقين، فما قال أحد: إن في العقل ما يقتضي تأخير العقاب عن الجاني، فقد أهلك الله كثيرا من المجرمين عقيب ذنوبهم، ولا استحالة في ذلك، إنما النزاع في كون الفعل متعلق المؤاخذة الشرعية كيف كانت هل يستقل العقل بذلك أم لا؟

كانت ذما أو غيره معجلة أو مؤجلة.

الثاني: على قوله: وعند المعتزلة لكون الفعل واقعا على وجه مخصوص، ولم يبين ذلك الوجه، فبقي الكلام مجملا، واقتضاؤه على ذكر الصدق والكذب، وهما مثالان لا يفيدان القاعدة الكلية، ولعله يتخيل متخيل أن خصوصهما مراد، والمشترك بينهما وبين غيرهما، وإذا كان المشترك المراد فهل هو ذلك كله؟ لم يتعرض لتخصيصه بل ينبغي أن يقال: متى اشتمل الفعل على مصلحة خالصة أو راجحة اقتضى العقل عندهم أن الله - تعالى - طلبه، وإن اشتمل على المفسدة الخالصة أو الراجحة قضى العقل بأن الله - تعالى - طلب تركه، وإن عرى عنهما، إما لعروه عن المصلحة والمفسدة، أو لتساويهما كان مباحا، ومتى اشتمل على المصلحة الخالصة أو الراجحة،

<<  <  ج: ص:  >  >>