للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: إذا تأملنا، علمنا أن ذلك غير ممتنع؛ لأن قلب العصا حية، لما كان مقدورًا لله تعالى وممكنًا في نفسه، لم يقبح من الله تعالى فعله في شيء من الأوقات، وبشيء من الجهات؛ فبأن قال زيد كاذبًا: (أنا رسول الله) يستحيل أن ينقلب الممكن ممتنعًا، والمقدور معجوزًا.

سلمنا ذلك؛ لكن المعجز يدل على كونه صادقًا في ادعاء الرسالة فقط، أو على صدقه في كل ما أخبر عنه؟!.

الأول مسلم، والثاني ممنوع:

بيانه: أن الرجل إذا أدعى الرسالة، وأقام المعجز، كان المعجز دالا على صدقه فيما ادعاه، وهو كونه رسولًا، لا على صدقه في غير ما ادعاه، فإن الرسول ما ادعى كونه صادقًا في جميع الأمور، أو لا يعلم أنه أدعى الصدق في كل الأمور.

فإذن هذا المطلوب لا يتم إلا بإقامة الدلالة على أنه ادعى كونه صادقًا في جميع ما يخبر عنه، ثم أقام المعجزة عليه، وذلك لا يكفي فيه قيام المعجز على ادعاء الرسالة، وكيف، والعلماء اختلفوا في جواز الصغائر على الأنبياء، بل جوز بعضهم الكبائر عليهم، واتفقوا على جواز السهو والنسيان؟!.

بل الصواب أن يقال: إن ظهر المعجز عقيب ادعاء الصدق في كل ما يخبر عنه، وجب الجزم بتصديقه في الكل؛ وإلا ففي القدر المدعى فقط.

الخامس: خبر كل الأمة عن الشيء يجب أن يكون صدقًا؛ لقيام الدلالة على أن الإجماع حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>